عضو جديد
عدد المساهمات : 68
نقاطي : 162
السٌّمعَة : 0
دولتي :   |  موضوع: مدينة الثلوج ....* قلمي *  الإثنين 12 ديسمبر 2011, 9:07 pm | |
|
جزء من سيرتي الذاتية....
وكأن الايام تعود قليلا بنا إلى زمن الطفولة
وأشواقها الحنينة ، كنت أنا وأخوالي من أقراني ننتظر مساء كل يوم بفارغ
الصبر لنجتمع في غرفة التيلفيزيون نحدق بأعيننا في الصندوق الغريب ، وكلنا
أمل وسعادة ، فهذه زهور الفتاة ذات الوجه الجميل يتوسطه أنف مثلث الشكل
بأناقة ، شعرها بلونه الاسد الداكن يعطيها جمالا طبيعيا ، عيناها واسعتين
كحال والدتها ، ممتلئة الجسم مائلة إلى القصر ، تتولى مهمة تربية إخوتها
من الاطفال الصغار ، كمساعد رئيسي لامها في ذلك .
كان من السهل أن تسير الامور على هدا النحو
من الرأفة و الاندماج ، تلك العائلة الذي يتولى الاعتناء بها ، رجل جاوز
الستين من عمره يملك دكان للمواد الغدائية بات معروفا في الحي بإسم العطاوي
نسبة الى أصول صاحبه ، الذي إتسمت شهرته بالوقار والانضباط بالاضافة إلى
تدينه الشديد ما كان يدفعه إلى غلق محل قوته في كل صلاة والتوجه نحو
المسجد للتأدية ماعليه من فرائض ، الكل من أهل الحي يكن له إحتراما شديدا ،
كان شديد الحرص على تربية أبنائها بما يسمعه من كلام الأئمة والفقهاء من
تربية إسلامية سليمة تنجيهم من مكر الدنيا و هلاك الاخرة ،
في مدينة ميدلت ، مدينة التفاح والثلوج ، عشت
أحلى ذكريات عمري إلى جانب أصدقاء الطفولة رغم تعددهم يسهل التمييز بينهم
فهذا خالد المليح الفتى الشقي الذي لايخشى شئ ، يهوى المغامرات وإن كانت
ساذجة ، يحبذ تزعم الشلة بأرائه ومقترحاته ، وذاك عبد الاله الفتى الوسيم
ذو العينين الخضراوتين خفيف الظل والروح ، كان يرافقنا لملئ وقت فراغه هذا
مؤكد لكنه كان من المرغوبين فيهم ، حسين وحسن التوأمان كانا نكهة المجموعة
فالاول كان أكثر إجتماعي بالاندماج السريع الخفي ، بأفكاره المنطقية ،
إنتقاده الصحيح لبعض الامور دعتنا الى إحترامه أيما إحترام ، أما حسن
فأشتهر بشخصتيه القوية والطابع الجدي الصارم, فقليلا ما تجده يضحك مكتفيا
بإبتسماته المعهودة ، نضراته الخاطفة باتت محط إهتمام الكل ، فقد كان من
المجتهدين المتفوقين في دراستهم شأنه شأن حسين .
فصل الشتاء يحل بثلوجه وبرودة طقسه ، هواء وريح
مسموم يهلك الفقراء ، في كل بيت تجد مدخنة مليئة بالاعواد والاخشاب وماتيسر
من الاوراق المستهلكة ، الاسرة كلها ملفوفة حول قاعدة المدخنة الدئرية
منهم من يحمل كتابه وأخرون يشاهدون التلفاز والام في المطبخ تعد العشاء
إستعدادا لقدوم الاب من العمل ، فهذه خالتي فاطة أجمل بنات الدار، بيضاء
البشرة مدورة الوجه بعينين سودويتان ونضرة حنونة تعطيها طابع عربي خالص ،
لم تكن أطول من زهور لكنها أنحف وأرشق ، تتهذب في طريقة كلامها مع إخوتها
التسعة ، لم تكن لتترك وراءها أحد من أهلها غاضب منها إلا وصالحته أو أحد
محتاج لمساعدتها إلا ومدت له يد المعونة ، فكانت محبوبة الجميع تحضى
بإحترام قل نضيره ....
الاب في طريقه البيت ، عرفوا ذالك من النافذة
المطلة الى الخارج حيت الهدوء يسكن المكان ، الكل يرتب لوازمه فالبنات
يتردين غطاء الرأس تجليلا وتقديرا ، المذاكرون منهم من يكتفي بقدر ما ذاكره
ويرتب كرساته في المحفظة ، في حين أن أخرون فضلوا تغير الغرفة علهم ينجحون
بمعدل ممتاز يوازي طموحهم لكن هيهات أن تكون الساعات الطوال بجانب كتاب
هي سر في التفوق ....
، كان شئ محير أن يجهز المنزل من كل شئ ، من
صالون فاخم لايفتح بابه إلا للضيوف الاحباء منهم وحجرات عديدة للأولاد
والبنات ، غرفة الطعام وهي نفسها غرفة إلتقاء الاسرة ، والمطبخ بحجمه
المستطيل يكاد لايخلوا من حركة ، فتلك الام تهيئ الفطير اللذيذ برئحته
الشهية تسر الشبعان والجائع على حد سواء ، عائشة البنت الكبيرة تساعدها في
العجين ،والطهي ، المسكينة عانت الامرين فما كان زواجها وهي طفلة إلا نقمة
وشرارة أضفى عليها بمرارة الحياة وتركها ضحية جهل مجتمع ،فقد تركها زوجها
بمولود ليقول فيهما الزمن كلمته ....
يسير الاب بخطوات أقرب إلى السرعة مرافقا من طرف
أبنائه رشيد ومصطفى ، الاول كان مفتول العضلات يشهد الحي كله بصلابة بأسه
يغشاه العدوالضعيف ويصادقه الحبيب الطيب وإن كان سكرانا خارجا عن طريق
الاستقامة الاخلاقية ، أما مصطفى أو المعقد كما يسميه بعض إخوته ذلك لأنه
كان ملتزما متدينا كأبيه ، يطيع ربه ، فيبتعد عن شهوات الدنيا من فتيات ، و
سجائر ، حشيش وشرام يخمر العقول ، دائما ما ينهي شقيقاته عن مشاهدة
المسلسلات المكسيكية لما فيها من مشاهد خليعة مخلة للحياء لكن ما عساه أن
يفعل فالموضة حق والدين واجب .
تناقش الثلاثة أثناء سيرهم عن أخبار
العمل و مايتوجب عمله في الغد إحضاره ، مراجعة حساب الزبائن ، شراء لوازم
يخلوا منها الدكان ، فما كادوا يقتربون من البيت حتى إنتهز الاب الفرصة
فأخرج مفاتيحه من جيب جلبابه في صمت رهيب يسبق العاصفة فتح الباب ودخلوا
واحدا تلوا الاخر متجهين نحو غرفة الطعام ....
|
|
أحدث الصور
الثلاثاء 16 أبريل 2024, 3:21 pm 
