عضو نشيط
عدد المساهمات : 408
نقاطي : 593
السٌّمعَة : 1
دولتي :  الجنس :  ممزآجي :  احترام قوانين المنتدى :   |  موضوع: وليس كلّ رأيٍ يُحترم ..!  الإثنين 18 يناير 2016, 11:04 pm | |
| مع مزيدٍ من انحدار أمتنا وهبوطها الحادّ في شتى الميادين، ومع ازدياد رقعة الانبهار بالآخر والتّماهي معه، ومع فشوّ الجهل واطّراد أعداد الجاهلين، ظهرت دعوى جديدة رائجة للحالمين والفارغين، تلك هي احترام الرأي الآخر .. والتي تعني: أن أي رأيٍ وقوْل في أي مسألة هو رأي محترم ينبغي الاحتفاء به وعدم مهاجمته، ولا يمكن إلا أن نضيفه للآراء الأخرى في القضية وجعله مساوياً لها، بل والتغنّي أحياناً بصاحبه ونعته بالمثقف والألمعيّ ..!
إنّ هذه الدّعوى ستزيد المشاكلّ وتعقّدها أكثر؛ لأنّ مساواة الآراء ببعضها البعض دون التفات إلى مرتكزات تلك الآراء، من شأنها أن تكون ترويجاً للنزوات والعواطف وتشويشاً على الحقائق والحلول العقلية الصحيحة..
والصواب _فيما أراه_ أنّ هناك من الآراء ما ينبغي دحضها ورفضها ومهاجمتها بكل وضوح وجرأة، وعدم الاحتفاء بها مطلقاً؛ إذ أننا في وضع لا يُسمح معه الترحيب بأيّ رأي، والترويج لأي قول .. وتوضيحاً لما سبق، فإني أرى أن ما لا يُحترم من الآراء يندرج في ثلاث مجموعات:
1- الآراء التي لا تقوم على دليل ولا حجة، إنها تلك التي تتبع عواطف الإعجاب والحبّ والكره والحذر والأمنيات، ويدخل هذا القسم في شتى المجالات: فالآراء في السياسة بدون أدلة ومستندٍ مرفوضة ولا تُحترم، كذا في الاقتصاد والاجتماع والدين .. والتدليل على هذا واضح؛ لأننا أمة البراهين والأدلة، (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين)، (قل فللّه الحجة البالغة)، (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا)، (ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم)، وغير هذا الكثير .. ولا زالت هذه القضية من بدهيّات العقول، لأن الكلام بلا دليل ينافي طبيعة العقل الذي يحتاج إلى مستندٍ يعقل به أي رأيٍ ويقبله ..!
2- الآراء التي تحمل التناقض في طياتها، إنها تلك السفسطة في أقبح صورها، فمن يقدّم رأياً يجمع فيه الشيء ونقيضه فليس رأياً ذا قيمة، ومن العبث الاحتفاء به.. إنها كالسالب يجتمع بالموجب فيسقطان كلاهما، فأن تقول عن موقف إنه واجب لما فيه مصلحتك وعنه نفسه حرام لأنه في غير مصلحتك تناقض..
وأن تقول إن هذا المعتقد صحيح ونقيضه أيضاً صحيح فهذا تناقض، وأن تصفق لشخص عمل عملاً ثم تلعن آخر عمل نفس العمل لاختلاف هواك وعاطفتك تجاه الاثنين تناقض، وهكذا .. إن هذا الفصام ليشي بغفلة عقلية موغلة، أو بجهل مركب فظيع، أو بتبعية للعواطف زائغة، ومثل هذا الرأي يُلقى إلى سلة المهملات ولا كرامة .. ولعلّ التساؤل الذي ردّ على تناقضات العرب قد جاء فصْلاً في سورة فصلت: (أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ)؟؟
3- الآراء التي تحمل في طياتها استعلاء على الناس، واحتكاراً للفهم والصواب، واستكثاراً بالأعداد، وتمويهاً بدعم السماء .. إنها تلك المؤسسة لمعظم التطرف والاحتقان.. ومثل هذا الرأي لا يُحترم ولا يُقدّر بل يُهاجم ويُعرّى ويُفضح؛ لأنه يعني وجود آلهة في الأرض لهم حقّ الطاعة وإلا نزل بالمخالف العذاب وحلّ عليه السخط .. وهذا لن يأتي بخير البتّة، والتاريخ يوقّع على كلامي بأخبار الدماء والظلم والطبقية .. والآية واضحة في نهاية سورة القصص: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً)، فلا فساد، ولا علوّ على الآخرين .. ولا ينبغي أن نُعلي رأياً يروّج للعلوّ فيزيد انحدارنا!
وبناء على ماسبق: قبل أن تقول رأيك، أو تُدلي بدلوك في أمر، تفقد أدلتك ومستندك، وفتش عن أي تناقض واستبعده، وإياك من شهوة الإقصاء والنفوذ .. وإياك أن تحترم رأياً يجمع ما سبق من المثالب!
والموضوع يستحق مزيداً من التأمل، ويحتاج إلى إضافات وتنقيح، وهذا ما أنتظركم لتكملوه إخوة وأخوات .. بالله التوفيق! |
|
أحدث الصور
الثلاثاء 16 أبريل 2024, 3:21 pm 
