منتدى طريق التطوير
عزيزي الزائر/ عزيزتى الزائرة يرجي التكرم بتسجيل الدخول
أذا كنت عضو هنا أو التسجيل أن لم تكن عضو وترغب في الأنصمام
إلي أسرة المنتدي سنتشرف في تسجيلك

شكــرا
إدارـــ ة المنتدي
 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 3140768227
منتدى طريق التطوير
عزيزي الزائر/ عزيزتى الزائرة يرجي التكرم بتسجيل الدخول
أذا كنت عضو هنا أو التسجيل أن لم تكن عضو وترغب في الأنصمام
إلي أسرة المنتدي سنتشرف في تسجيلك

شكــرا
إدارـــ ة المنتدي
 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 3140768227
Black Love


طريق التطوير اكبر منتدى لخدمات تطوير المواقع والمنتديات { دعم ، تطوير ، تصميم ، اشهار }
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول    
انتظرونا قريبا عودة اقوي


آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ ارسال المشاركة
بواسطة
### مياه زمزم: ماء الحياة والبركة
### مياه زمزم: ماء الحياة والبركة
شركة تنظيف في الامارات
مناشف فنادق
احدث ديكورات جبس شركة الماسة صور ديكورات جبسية اسقف للريسبشن و لغرف النوم
اسعار شركات التسويق الالكتروني وتصميم مواقع وتحسين محركات البحث
افضل اسعار باقات التسويق الالكتروني وتصميم مواقع وتحسين وتصدر نتائج محركات البحث و اداره صفحات السوشيال ميديا شركة تسويق الكترونى ايماركتنج مصر
الماكولات واهميتها
خدمات تنظيف المنازل في الكويت
فوائد برنامج مكتب محاماة
الثلاثاء 16 أبريل 2024, 3:21 pm
الثلاثاء 16 أبريل 2024, 3:21 pm
الأحد 31 ديسمبر 2023, 2:33 pm
الخميس 05 أكتوبر 2023, 9:29 pm
الأحد 10 سبتمبر 2023, 5:14 am
الثلاثاء 05 سبتمبر 2023, 4:44 pm
الأحد 03 سبتمبر 2023, 12:04 am
الأحد 25 يونيو 2023, 12:29 pm
الأحد 18 يونيو 2023, 3:24 pm
الأربعاء 31 مايو 2023, 3:37 pm











شاطر

حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
Don Villa 7
عضو جديد 

Don Villa 7

عدد المساهمات : 110
نقاطي : 330
السٌّمعَة : 0
ععمري : 26
دولتي : غير معروف
الجنس : ذكر
احترام قوانين المنتدى :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 111010

 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Empty
مُساهمةموضوع: حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Emptyالسبت 08 يونيو 2013, 1:56 pm





حقيقة النفس الواحدة وزوجها


محمد إسماعيل عتوك

بسم الله الرحمن الرحيم


{ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
}(النساء: 1) .

أولاً- هذه الآية الكريمة جاءت
في مطلع سورة النساء ، وهي سورة اشتملت على أنواع كثيرة من التكاليف الشاقة على
النفس البشرية ؛ ولهذا افتتحت بالعلة التي يجب لأجلها حمل الإنسان لهذه التكاليف .
ومناسبة السورة لما قبلها أنه تعالى ، لما ذكر أحوال المشركين والمنافقين وأهل
الكتاب والمؤمنين أولي الألباب ، ونبَّه على مجازاتهم بقوله تعالى : { أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ
أُنْثَى
}(آل عمران: 195) ، وأخبر أن بعضهم من بعض في أصل التوالد بقوله
تعالى :﴿ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾(آل عمران: 195) ، نبَّه سبحانه في أول هذه
السورة التي تلت سورة آل عمران على عظم القدرة بإيجاد الأصل الذي تفرَّع العالم
الإنساني منه ، وحثَّ على التواصل والتراحم .
وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ } من الخطاب العام المراد به العموم ،
يعم حكمه الناس كلهم ، باعتبارهم هم المكلفون من لدن نزل إلى يوم القيامة ، وهو
خطاب تظهر فيه المناسبةُ بين وحدة النوع ووحدة الاعتقاد ، وبراعةُ استهلال مناسبةٌ
لما اشتملت عليه السورة من الأغراض الأصلية ، حيث تضمنت الآية المفتتح بها ما في
أكثر السورة من أحكام : من نكاح النساء ومحرماته ، والمواريث المتعلقة بالأرحام .


وأعقب هذا الخطاب العام الأمر بتقوى الربوبية { اتَّقُوا
رَبَّكُمُ
} ، وتلاه الأمر بتقوى الألوهية { اتَّقُوا
اللَّهَ
} ، والفرق بينهما : أن الأول عام في كل مؤمن وكافر ، وليس مقصورًا
على أهل مكة . والثاني خاص بكل مؤمن يؤمن بالله تعالى . ولا يمنع من ذلك كون كلاً
من الأمرين ورد متوجهًا إلى مخاطب واحد ؛ فالثابت في أصول الفقه أن خصوص آخر الآية
لا يمنع من عموم أولها . ثم إن الأغلب ، إذا كان الخطاب والنداء بــ { يَا أَيُّهَا النَّاسُ } ، وكان للكافرين فقط أو لهم مع غيرهم
، أعقب بدلائل الوحدانية والربوبية لعدم معرفتهم بالله سبحانه . وإذا كان الخطاب
للمؤمنين ، أعقب بذكر النعم لمعرفتهم بالربوبية .
وحقيقة التقوى هي الخشية ،
والغرض الأصلي منها : الإيمان ، والتوبة ، والطاعة ، وترك المعصية ، والإخلاص .
والفرق بين تقوى الربوبية ، وتقوى الألوهيَّة : أن الأولى : تقوى ( موضوعية غرائزية
) . وأن الثانية : تقوى ( ذاتية واعية ) ؛ ولهذا عللت الأولى بما يدل على المبدأ
بخلق الناس من نفس واحدة ، فهي ( علة طبيعية ) . وعللت الثانية باتقاء الله في
الأرحام ، فهي ( علة إيمانية ) .

وقدم الأمر بتقوى الربوبية { اتَّقُوا رَبَّكُمُ } على الأمر بتقوى الألوهية { اتَّقُوا اللَّهَ } ؛ لأن لفظ ( الربَّ ) يدل على الإحسان
والتربية ؛ إذ الربّ هو المالك الذي يَرِبُّ مملوكه ويحسن إليه . أي : يدبِّر أموره
وشؤونه . وقولنا : ربٌّ ، يتضمن معنى الملك والتدبير ، ولا يكون إلا مطاعًا . قال
موسى عليه السلام : { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ
لِتَرْضَى
}(طه: 84) . أما لفظ ( الله ) فيدل على القهر والهيبة ، وهو اسم
علم لله المنعم على عباده بنعمه التي لا تعد ولا تحصى ، وهو المتفضل بها عليهم ،
ولا يسمَّى به غير الله عز وجل ، بخلاف لفظ الرب . ولما كان المقام هنا مقام تشريع
يناسبه إيثار المهابة والجلالة والرهبة ، استعمل فيه اسم ( الله ) ، بخلاف مقام
الربوبية الذي هو مقام ترغيب ، فبنى التقوى أولاً على الترغيب ، وثانيًا على
الترهيب . ولا شك أن الأول يوجب التقوى مطلقًا حذرًا عن العقاب العظيم ، وأن الثاني
يدعو إليها وفاءً بالشكر الواجب .

وقيل : جعل سبحانه هذا المطلع { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ } مطلعًا لسورتين :
إحداهما : هذه السورة ، وهي الرابعة من النصف الأول من المصحف . والثانية : سورة
الحج ، وهي الرابعة من نصفه الثاني . وعُلِّل هنا الأمر بتقوى الرب جل وعلا بما يدل
على معرفة المبدأ { الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
}(النساء: 1)،وعُلِّل هناك بزلزلة الساعة بما يدل على معرفة المعاد { إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ }(الحج: 1 ) ، فكان
ارتباط قوله تعالى : { اتَّقُوا رَبَّكُمُ } بقوله : {
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } من سورة النساء ،
وبقوله سبحانه : { إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ
} من سورة الحج ، في غاية الحسن والانتظام ؛ إذ جعل صدر هاتين السورتين
دلالة على معرفة المبدأ ومعرفة المعاد ، ثم قدم السورة الدالة على معرفة المبدأ على
السورة الدالة على معرفة المعاد .. فسبحان من له في هذا القرآن أسرار خفية وحكم
مطوية ، لا يعرفها إلا الخواصُّ من عباده .

ثانيًا- ويجمع المفسرون وعامة
الناس على أن المراد بالنفس الواحدة وزوجها في قوله تعالى : { خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا }
هو ( آدم وحوَّاء ) ، ومنهما بثَّ الله سبحانه { رِجَالًا
كَثِيرًا وَنِسَاءً
} . وقالوا : إنما أُنِّثَ الوصف { وَاحِدَةٍ } مع أن الموصوف مذكر ، نظرًا إلى تأنيث لفظ { نَفْسٍ } ، وهي قراءة الجمهور ، ونظيرها قوله تعالى : { أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ }(الكهف: 74) .
وقرأ ابن أبي عبلة :﴿ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدٍ ﴾ ، بدون تاء ، على مراعاة المعنى ، أو
على أن لفظ ( النفس ) يذكر ويؤنث ، فجاءت قراءته على تذكير النفس .

واحتجَّ
المفسرون على أن المراد بالنفس الواحدة وزوجها هنا ( آدم وحواء ) بقوله تعالى في
الأعراف : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا
}(الأعراف: 189) . ولدقة الهندسة القرآنية ،
وبراعتها في اختيارها للألفاظ ، ووضع كل لفظ في مكانه المناسب ، لم ينتبه الجميع
إلى وضع لفظي ( الرجال والنساء ) في قوله تعالى :{ وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً
} بين الأمر باتقاء الربوبية ،
والأمر باتقاء الألوهية ، ولم يدركوا ارتباط ذلك بالأرحام { وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ }
؛ ولذلك لا نجد أحدًا منهم فسَّر لنا : كيف بثَّ الرب جل وعلا من آدم وحواء { رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً } ؟
والسؤال الذي يطرح نفسه
هنا ، والذي لم يخطر على بال أحد : كيف يَبُثُّ الرب جل وعلا من النفس الواحدة
وزوجها رجالاً كثيرًا ونساء ، إن كان المراد بهما هنا : آدم وحواء ؟ أين هم الأطفال
الذين عبَّر الله تعالى عنهم بـ( البنين والحفدة ) في قوله سبحانه : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ
مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً
}(النحل: 72) ؟ فلفظ البنين والحفدة
يحتمل كل واحد منهما تَصَوُّر الأطفال من الذكور والإناث ، فكان لفظهما هو المناسب
للمقام ، بخلاف قوله سبحانه :
{ رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً
}؛ إذ لا يحتمل اللفظ هنا إلا تَصَوُّر رجال ونساء بالغين ، ولا
احتمال لتَصَوُّر معنى آخر . فكيف لنا أن نَتَصَوَّر رجالاً ونساء بالغين ،
ينبثُّون حين الولادة مباشرة من رجل وامرأة ؟

لو كان التعبير في الآية هكذا
: ( وَبَثَّ مِنْهُمَا ذكورًا كثيرًا وإناثًا ) بدلاً من قوله تعالى :
{ وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً } ، لكان لهم
العذر فيما ذهبوا إليه ؛ لأن لفظي ( الذكور والإناث ) يشمل الكبار والصغار ، بخلاف
لفظي ( الرجال والنساء ) . ولا يعترض على ذلك بأن يقال : قال الله تعالى : { رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً } ، وأراد : ( ذكورًا كثيرًا
وإناثًا )- كما يقولون- عند تأويل كل أمر يستعصي عليهم فهمه ، ويشكل عليهم تأويله ؛
فالقرآن دقيق في اختيار ألفاظه ، لا يستعمل لفظًا مكان لفظ ، والله تعالى لا يقول
شيئًا ويريد شيئًا آخر ، سبحانه وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا .

وهذا الفهم
للآية قد قاد أكثرهم إلى تَصَوُّر الفهم الكهنوتي التوراتي أن حوَّاء خلقت من أحد
أضلاع آدم
{ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا
} ، ونسبوا ذلك إلى كبار الصحابة رضي الله عنهم ، وهم
براء من ذلك . قال أبو حيَّان في البحر المحيط عند تفسير الآية :« وظاهر { مِنْهَا } ابتداء خلق حوَّاء من نفس آدم ، وأنه هو أصلها الذي
اخترعت وأنشئت منه ، وبه قال ابن عباس ، ومجاهد ، والسدّي ، وقتادة ، قالوا : إن
الله تعالى خلق آدم وحشًا في الجنة وحده ، ثم نام ، فانتزع الله تعالى أحد أضلاعه
القصرى من شماله . وقيل : من يمينه ، فخلق منها حواء . قال ابن عطية : ويعضد هذا
القول الحديثُ الصحيحُ في قوله عليه الصلاة والسلام :« إن
المرأة خلقت من ضلع أعوج ، فإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها
» ؛
ولهذا يقول العلماء : كانت المرأة عوجاء ؛ لأنها خلقت من ضلع عوجاء . وقال بعضهم :
نبَّه سبحانه بقوله : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } على
نقصها وكمالها ، لكونها بعضه .

ثم فهموا على ضوء ذلك أن من آدم وحوَّاء التي
خلقت من ضلعه الأعوج بثَّ الله سبحانه :
{ رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً
} كثيرًا . وهذا قادهم مرة ثانية إلى الخطأ الثاني ، وهو أن أبناء
آدم الذكور تزوجوا من أخواتهم الإناث فانبثقت البشرية ، وكان الأمر– حسب منظورهم-
مقبولاً في البداية اضطرارًا ؛ ليبقى النسل البشري مستمرًا دون انقطاع ، ثم حرَّمته
الشريعة ، متأثرين في ذلك ببعض الآثار المدسوسة التي تقول :« إن حوَّاء ولدت عشرين
بطنًا ، أو أربعين بطنًا ، وكانت تلد في كل بطن ذكرًا وأنثى ، وكان آدم يزوِّج ذكر
كل بطن بأنثى من بطن آخر » .
وهكذا ، خطأ واحد استتبع عدة أخطاء على مستوى
العقيدة والتشريع ، ناهيك عن الأخطاء على مستوى العلم والحقيقة التاريخية . ولولا
زعمهم المأخوذ عن التصور الكهنوتي التوراتي من أن آدم هو أول كائن بشري جبل
كالتمثال الأجوف من التراب ، ثم سوِّيَ ونُفِخ فيه الروح ، لما وقعوا في تلك
الأخطاء القاتلة ؛ وإلا فكيف لنا أن نفهم أن النفس الواحدة وزوجها في آية النساء هي
النفس الواحدة وزوجها في آية الأعراف ، وزوج الأولى مخلوق ، وزوج الثانية مجعول ؟
فالأولى :
{ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا
}(النساء: 1) ، والثانية :
{ خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا
}(الأعراف: 189) ، والمخلوق غير المجعول .
وإذا كانوا قد فهموا أن المراد بالنفس
الواحدة وزوجها في آية الأعراف : آدم وحوَّاء ، فهو صحيح ؛ ولكن على مستوى الوجود
الإنساني ، لا البشري ، وهو صحيح أيضًا على معنى : { وَجَعَلَ
مِنْهَا زَوْجَهَا
} - كما قال تعالى- لا على معنى : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا }- كما توهموا وأوهموا- وذلك لما
بين الخلْق ، والجعْل من فرق في المعنى ، وبيانه :

أن الخَلْقَ- في اللغة-
هو الإيجاد المبدأي ، وهو فعل الشيء بتقدير ورفق ، وترتيب وإحكام . وبعبارة أخرى هو
الإيجاد الفعلي وفق خصائص معينة تتطابق مع إرادة قاضية قاصدة ؛ ولهذا فهو يباشر
مفعوله دفعة واحدة . وأصلُه : التقديرُ المستقيمُ . والتقديرُ هو تحديد كل مخلوق
بحدِّه الذي يوجد به ، ولا يُسَمَّى خَلْقًا إلا بعد التنفيذ ، فلا يقال : خلقتُ
كذا ، إلا إذا كنت قد أوجدته فعلاً بعد تقديره .
أما الجَعْلُ- في اللغة- فهو
التغيُّر في الصَّيْرورَة ، ويعني إضفاء هيئة ، أو حالة ، أو صيرورة معينة على شيء
قد تمَّ خلقه فعلاً ، وتصييره شيئًا آخر ؛ ولهذا فهو يباشر مفعوله حالاً بعد حال ،
فيتعدد فيه المفعول ، وتتدرج فيه الأطوار ؛ كما في قول الله عز وجل : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ
مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً
}(النحل: 72) . فالأزواج في هذه
الآية مجعولة من الأنفس ، والبنون والحفدة مجعولان من الأزواج ، والمجعول منه مخلوق
، وهو سابق للمجعول . وهذا يعني أن الخلق والجعل عمليتان متلازمتان ، لا يمكن فصل
إحداهما عن الأخرى ، فليس هناك شيء بدون خلق ، ولا جعل بدون خلق .
ومن هنا نرى
أن عملية الجعل هي مرحلة اعتبارية تابعة لمرحلة الخلق ؛ ولهذا إذا اجتمع الفعلان :
{ خلق } و
{ جعل } في آية
واحدة ، فإنه لا بدَّ أن يَعْقُبَ الثاني الأوَّلَ ؛ كما في قوله تعالى :
{
وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً }(النحل:
81) .
{ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً
فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً
}(الفرقان: 54)
.
{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ
مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا
وَشَيْبَةً
}(الروم: 54) .
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا
}(الحجرات: 13) .
{ وَمِنْ آَيَاتِهِ
أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ
بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
}(الروم: 21) .
تأمل ، كيف اختلف
التعبير في هذه الآيات باختلاف معنى الفعلين ( خلق ) و( جعل ) ، فدل كل واحد منهما
على مرحلة غير المرحلة التي دل عليها الآخر ، وأن مرحلة الخلق هي البداية ، وأن
مرحلة الجعل تابعة لها ومترتبة عليها . وهذا واضح حسًّا من هذه الآيات وغيرها ، فما
من عملية خلق إلا وأتت بعدها عملية جعل ولا تتحقق الثانية إلا بوجود الأولى . أما
قولهم : إن كان الفعل ( جعل ) متعدِّيًا لمفعول واحد كان بمعنى (خلق)وإن كان
متعدِّيًا لمفعولين كان بمعنى ( صيَّر ) أو ( حوَّل ) فهو قول مبنيٌّ على فهم غير
صحيح لمعنى التعدية( انظر معنى التعدية في مقال من أسرار تعدية الفعل في القرآن
الكريم ) .

فإذا عرفت هذا ، تبيَّن لك أن الخلق في آية الأعراف غير الجعل
فيها { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ
مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا
}(الأعراف189) وكونُ الجَعْل غير
الخَلْق دليلٌ على أن حوَّاء لم تخلق من آدم ، أو من أحد أضلاعه ؛ لأنها كانت
مخلوقًا حيًّا ؛ ولكنها لم تكن زوجَا ، فصيِّرت زوجًا . ولو لم يكن كذلك ، لكان
ينبغي أن يكون نظم الكلام- حسب تأويلهم- هكذا : { وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا
} بدلاً من قوله تعالى: { وَجَعَلَ
مِنْهَا زَوْجَهَا
} وكأنهم بتأويلهم هذا يصححون كلام الباري سبحانه وتعالى
. ولو أنهم تأملوا الآية أدنى تأمُّل لرأوا أنها لا تتحدث عن خلق حوَّاء وإنما
تتحدَّث عن جعل حوَّاء زوجًا لآدم .

ثالثًا- نخلص مما تقدم إلى أن المراد
بـ( النفس الواحدة وزجها ) في آية الأعراف : { هُوَ الَّذِي
خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا
}(الأعراف: 189) هو : آدم ، أول نفس إنسانية وجدت على الأرض ، وحواء زوجه
التي جعلت منه ، لا خلقت منه . أي : جعلت من جنس نفسه ؛ { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } ؛ لأن الجنس إلى الجنس أميَل ، وبه آنس
. وإذا كان منها على حقيقته ، فالسكون والمحبة أبلغ ؛ كما يسكن الإنسان إلى ولده ،
ويحبه محبة نفسه أو أكثر ؛ لكونه بعضًا منه ؛ كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الحديث الذي أخرجه البخاريٌّ : ( فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي
فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي
) .
ونظير الآية قوله تعالى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ
مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً
}(النحل: 72) . أي : من جنسها . وأما
خلق حوَّاء فمفهوم من جعلها زوجًا لآدم ؛ لأن الجعل- على ما تقدم- لا يكون إلا لشيء
مخلوق .

وأما ( النفس الواحدة ) في آية النساء التي نحن بصدد الحديث عنها :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ
مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا
كَثِيرًا وَنِسَاءً
}(النساء:1) فالمراد بها : النفس البشرية ، وقد تكرر
ذكرها في الأنعام في قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم
مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ
}(الأنعام: 98)
،
وفي الزُّمَر في قوله سبحانه :﴿ خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ
جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾(الزمر: 6) ، هذه ( النفس الواحدة ) هي النفس البشرية ،
وهي ( الخلية الحيَّة الأولى ) التي تحمل الصبغتين : الذكرية والأنثوية ، فهي عديمة
الجنس . أي : ( خنثى ) ، وهذه { خَلَقَ مِنْهَا زَوْجُهَا
} ، لا { جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } ؛ وذلك بانقسامها
إلى خلايا ذكرية مخصَّبة ، وأنثوية مخصَّبة . ثم نمت هذه الخلايا في رحم الأرض
الطينية وفي المستنقعات ؛ كما تنمو الخلية الملقحة تمامًا في الرحم ، وانبثقت عن
رجال ونساء بالغين { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً
} ، حيث نظام الربوبية { اتَّقُوا
رَبَّكُمُ
} الذي هو رب لكل الكائنات . ثم بعد أحقاب من تواجد أجيال مديدة
من أولئك البشر جاء طور التزاوج بين الرجال والنساء ، والاستيلاد من الأرحام بدلاً
من الرحم الأول ، وهو الأرض الطينية .

وإلى هذا الطور الثاني أشار الله
تعالى بقوله : { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا }(الزمر:
6) ؛ وذلك عقِب قوله تعالى : { خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
}(الزمر: 6) . فقوله : { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا
زَوْجَهَا
} يشير إلى هذا الطور الثاني الذي انتقل فيه الخلُق البشريُّ إلى
مرحلة الأرحام . ففي هذه الآية لم يفصِّل سبحانه قضية الخلق الأول كما فصَّلها في
آية النساء ؛ ولذلك لم يذكر خلق الزوج من النفس الواحدة ، كما ذكره في آية النساء ،
وانتقل مباشرة إلى الحديث عن الطور الثاني الذي تم فيه التزاوج بين الرجال والنساء
. وهذا ما يفيده الفعل { جعل } الذي يدل على التغيُّر في
الصيرورة ، وتفيده { ثمَّ } قبله التي تدل على الترتيب
والمهلة .
هذا الطور الثاني هو الذي خرج منه الإنسان الأول بعد أحقاب وعاصره .
وبعد أن أعطِيَ الروح الربَّانيَّة ، وَعَى معنى الألوهيَّة التي خُوطِب بها في
الشق الثاني من الآية : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ...
اتَّقُوا اللَّهَ } ، فجُعِل ( الله ) هنا رقيبًا ، لدخول التصرف الإنساني الحر ، ولحصول الوعي
عنده بـ( الألوهية ) ؛ كما يشير إلى ذلك قوله سبحانه : { ...إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }(النساء: 1) ، ولم
يكن { الله } هو الرقيب في المرحلة الأولى ؛ ولهذا خوطب
الإنسان بمعنى الربوبية التي تدعو الناس جميعًا بمن فيهم آدم وحوَّاء إلى التذكر
بأنهم متفرعون من أصل واحد { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمْ
} الذي هو رب لكل كائن حي .

ومن المدهش أن القرآن قد
كرَّر أن النشأة الأولى هي تمامًا كالنشأة الآخرة { كَمَا
بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
}(الأعراف: 29) ، فكما بدأ تخلُّق البشر في حواضن
الطين ، ونموا فيها حتى فقَّسَت بعد أطوار طويلة الآماد عن أفراد ناضجين جنسيًّا ،
فكذلك يجب أن يدفنوا بعد موتهم ؛ ليعاد تصنيعهم من جديد بالكيفية نفسها التي تمَّ
تصنيعهم فيها أول مرة { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا
نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى
}(طه: 55) ، فمن الأرض
خرجوا ، وفيها يعادون ، ومنها يخرجون تارة أخرى ، حيث تفقس القبور الطينية عن أفراد
ناضجين بالغين يوم البعث { وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ
نَبَاتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا
}(نوح17) .


هذه النهاية المشابهة للبداية والمحاكية لها ، هي مغزى آخر ووجه آخر لقوله
سبحانه : { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا
عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ
}(الأنبياء: 104) ، لمكان كاف تشبيه
الكيفية الموصولة بما هكذا : { كَمَا } . فهذه المشابهة
والمحاكاة بين البداية ، والنهاية لا تعطي في اللغة والقرآن إلا الكيفية نفسها ..
وهذه هي الصورة نفسها التي أخبر سبحانه عنها بقوله : { وَمِنْ
آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ
تَنْتَشِرُونَ
}(الروم: 20) ، حيث جاء الخروج والانتشار مباشرة لكائنات
بشرية بالغة خرجت مخلوقة للتو من التراب ، وهي الصورة نفسها ، والخروج والانتشار
نفسه الذي سيعاد في البعث يوم الإعادة { يَخْرُجُونَ مِنَ
الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ
}(القمر 7) .

ففي
البداية خروج وانتشار ، وفي النهاية خروج وانتشار ؛ ولأن البداية هي نفسها النهاية
قدم سبحانه قوله : { اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
}(الروم: 11) ، ثم عقب عليه بقوله : { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ
عَلَيْهِ
}(الروم: 27) ، ووسَّط بينهما قوله تعالى : {
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي
الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ
* وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ
بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ
}(الروم: 19- 20) بدقة حسابية منقطعة النظير .


بقي أن نشير إلى أن البشر القائم قبل وجود الإنسان الأول ( آدم ) كان يتبع
( النظام الأموميّ ) . أي : نظام الطبيعة ، وحسب الفكر السومري والبابلي كان يدعى
بـ( النظام الأمومي العشوائي والإخصاب لبقاء النوع ) ، وهو ( أموميٌّ ) لأنه لا
وجود فيه إلا لأم ترعى حياة الأولاد . أما الرجل فما هو إلا فحل للإخصاب فقط ؛
كممالك الحيوان تمامًا . وبخلق الإنسان الواعي انتقل النظام الأمويّ إلى ( نظام
الأبويَّة ) ، وحسب المدونات القديمة كان يدعى بـ( نظام إيل ) ، ويعني : نظام
الأسرة التي فيها آباء وأمهات يرعون أبناء تُسَمَّى الذرية الإنسانية ، يبسط لها في
الجسم والعلم ؛ لتكون ذرية ربانية تستعمر الأرض بالخير ، تعرف ربَّها وخالقها
والغاية من تخليقها الإنساني ، لا نسلاً حيوانيًّا غرائزيَّا ماديًّا ، بلا روح
ربَّانيَّة فيه . فلو أراد الله سبحانه ذلك ، لأبقى ( الشريعة الأموميَّة ) فقط ،
ولم يرفع البشر من حضيضهم إلى الإنسانيَّة بالعقل والروح ، والتخليق الجينيِّ
المُمَيَّز . فخلقنا سبحانه بهذه المواصفات من ( نفس واحدة- آدم ) مخلَّقة بهذه
الفُرَادَى ؛ لتنهض بدورها ( الذكر الآدميّ آدم ) ، وجعل من النسخة نفسها تمامًا
زوجها ( الأنثى الآدمية حواء ) ، فصارت النفس الإنسانية ( ذكرًا وأنثى ) ؛ لتنبثق
الإنسانيَّة ، وتنسل منهما ، ويكون هناك دائمًا أب وأم . أي : إنسانان معًا ؛
ليقوما شراكة بتعَهُّد المشروع الإنسانيِّ الإلهيِّ المتولِّد . جُعِلا من الشفرة
نفسها ، والمكوّن ذاته ؛ ليسكن الزوج إلى زوجه فكريًا ونفسيًّا وروحيًّا ، فيقع
الانسجام ؛ لتأتي الذريَّة صالحة في هذا الجو الطيب المُنبِت المتناغم السَّويّ .
وهذا ما نصَّت عليه آية الأعراف في شقها الثاني : { فَلَمَّا
تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا
اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الشَّاكِرِينَ
}(الأعراف: 189) .
ولعّلنا ندرك الآن سرَّ وضع هذه الآية
الكريمة : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
} على رأس سورة
النساء ، حيث كانت المرحلة الأولى الغرائزية في حفظ النوع البشري مرحلة متأخرة
وأمومية بحتة ، لا دور للرجل فيها إلا كفحل إخصاب ، وفي المرحلة الثانية التي بدأت
بـ( آدم وحواء ) حين أُنيط بالرجل الآدمي دور الالتزام بالأسرة ، جاءت الوصية
باتِّقاء الله في الأرحام ، وصيانة المرأة ، وحفظ النسل والأسرة . وهذا ما أفضى
بالمجتمع ؛ ليكون مجتمعًا ذُكورِيًّا ، سواء بشكلٍ صحيح ، أو باستبداد
.

رابعًا- والخلاصة التي ننتهي إليها أن الآيات القرآنية التي استعرضنا
بعضًا منها تصرح بدقتها أن الأصل الذي خلق منه الإنسان هو الطين { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ }(السجدة: 7) .. الطين
الذي هو مزيج من الماء والتراب وعناصره ، والذي تحول مع مرور الزمن إلى حمأ مسنون ،
ويقرر العلم الحديث أن الحياة ظهرت على الأرض أول ما ظهرت على ضفاف المسطحات
المائية ، حيث يتكون بجوارها طمي الطين الذي ينشأ منه الزبد والحمأ المسنون على مر
السنين ، فنبتت في ذلك الظرف وتلك البيئة أول الكائنات المجهرية البسيطة ، ثم تعقد
الخلق فجاءت الطحالب ، فالنبات ، فالحيوان ، فالبشر ، وأن هذا التطور في حالات
الطين وأشكاله السالفة الذكر والظروف قد حدثت عبْر مئات الملايين من السنين حتى
أثمرت شجرتها الأولى ، وكان أعقد وأكمل وآخر ثمرة من ثمارها وختامها هو البشر الذي
منه بعد مدة صنع الإنسان بروحه المتطور إلى وعْيِ الألوهية .

ويؤكد العلماء
أن الكائنات الحية كلها ( بما فيها الإنسان كجنس بشري ) بدأت من ( خليَّة حيَّة
أولى . أي : نطفة ) قابلة للإخصاب والتكاثر ، كيفما كانت الطريقة الحاضنة خارج
الرحم ، أو داخله . والإشكال الواقع اليوم في تساؤلات رجال علم ( البيولوجيا ) هو
في ماهية القفزة النوعية من بشر همج إلى إنسان واع عاقل ، ولا شك أن الداروينية
تجاوزها العلم باكتشافه للجينات المميزة للكائنات الحية . وأغرب نتائج البيولوجيا
الجزيئية الحديثة أن الكائنات الحيَّة لم تنشأ وفق ترتيب عمودي ؛ وإنما نشأت منذ
البداية من خلايا مختلفة تحمل رموزها الجينية من أوّل لحظة ، وما قرَّره ( فرنسوا
جاكوب ) عالم البيولوجيا الجزيئية الفرنسي هو انتماء هذه الخلايا إلى خلية أمٍّ
فرضيَّة .

فعندما نتأمل عائلة الثدييات ( الإنسان والشمبونزي والفرس وال|~ هده الكلمة غير مسموح بها في المنتدى~|
وسمك العنبر والأرنب ... )- كما يقول عالم البيولوجيا الجزيئية ( دانتون ) في كتابه
( نظرية التطور في مأزق )- نجد أن الفروق الجينية بين كل فردين من هذه العائلة
متساوية ، وعددها ( 65 ) خمسة وستون فرقًا تقريبًا ، والنتيجة هي : استحالة اعتبار
فرد من هذه الأفراد منبثقا من آخر ؛ بل هذا الفرق الثابت بين الأفراد يجعلنا نثبت
أن هذه العائلة تنزل من فرد واحد فرضِيّ . وكذلك الأمر في عائلات ( الطيور والحشرات
وغيرهما ) ، ممّا يثبت أن كل عائلة تنحدر من خليَّة أمٍّ ، وأنّ مجموع الخلايا
الأمّ تنحدر من أمٍّ أولية .

وهذا ما أثبته القرآن قبل أكثر من ألف
وأربعمائة سنة ، ففي قول الحق تبارك وتعالى : { وَمِن كُلِّ
شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
}(الذاريات: 49)
يؤكِّد سبحانه أنه خلق من كل شيء زوجين ، لا أنه خلق الأزواج كلها من شيء واحد (
سوى من الماء وهو ظرف التكوين الأول ) ، وهذا يعني أن كل جنس خرج كجنسه ، متميِّزًا
بشفرته الجينيَّة ، فكل أصل وفرع وشجرة خرجت من بذرة مختلفة بتركيبة جينية ، وتكوين
متميِّز عن البذرة الأخرى ، فأخرجت فصائل من المخلوقات لا تخرج منها إلى غيرها .
فالبعوضة لن تتحول إلى فيل ، والقرد لن يتطور إلى إنسان .. وهكذا .
{ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ
الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ
}(يس: 36) .
وفي
قول الحق سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا

}(النساء:1) ،
{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا
}(الأعراف: 189)
يؤكِّد سبحانه
أنه خلق الناس من نفس واحد ة : الأولى هي النفس البشريَّة الأولى ، وهي ( الخليَّة
الحيَّة الأولى ) . والثانية : هي النفس الإنسانيَّة الأولى ، وهي ( آدم ) .

وفي قول الحق سبحانه : { إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن
نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً

}(الإنسان: 2) ،
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي
رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن
نُّطْفَةٍ
}(الحج: 5)
تأكيد على أن الإنسان خلق من نطفة : الأولى : هي
النطفة الأمشاج التي خلق منها ( آدم ) . والثانية هي النطفة الذكرية التي خلقنا نحن
منها . والنطفة هي ( خلية حيَّة أولى ) ، تنقسم إلى خلايا ذكرية ، وأنثويَّة . وهذه
الخلايا هي الأولى المعبَّر عنها علميًّا بـ( الخلايا الجذعية ) كاملة القدرة ، أو
القوة ، أو هي النسخة الأولى من الـ( دي ، إن ، إيه ) الذي يحتوي على كروموسومات
الكائن الوراثية ، حية وسليمة ، وهذه الكروموسومات هي التي تمثل كتاب الحياة ،
والمكتبة الرقمية التي تحتوي على كل أسرار وخصائص هذا الكائن ، ومنها سيعاد تصنيعه
يوم البعث .

ومن المؤسف والمؤلم بعد هذا كله أن نرى الكثيرين لا يهمهم إلا
القدسيَّات الزائفة لغير كتاب الله سبحانه ، ويلقون وراء ظهورهم كل هذا الكم
المتواتر والهائل من الحقائق العلمية ، ومن آيات الحق التي ترسم كل واحدة منها
منفردة ، ثم مع بعضها خارطة الخلق البشري بدقة متناهية ، ووضوح لا يرتاب فيه إلا من
حجب الله عن بصيرته النور .. نسأله سبحانه أن ينوِّر بصائرنا ، ونعوذ بنور وجهه
الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علينا غضبه ، أو ينزل
بنا سخطه ، لا إله إلا هو
{ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ
وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

}

.. والحمد لله رب العالمين !

عن موقع أسرار الإعجاز البياني للقرآن
الكريم
توقيع : Don Villa 7




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
koolsheaa
عضو جديد 

koolsheaa

عدد المساهمات : 119
نقاطي : 125
السٌّمعَة : 0
دولتي : غير معروف
الجنس : ذكر
احترام قوانين المنتدى :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 111010

 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Emptyالجمعة 14 يونيو 2013, 10:15 am

شكرا على موضوعك الرائع
توقيع : koolsheaa




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
RA. SHefo
سوبر الموقع 

RA. SHefo

عدد المساهمات : 1236
نقاطي : 1797
السٌّمعَة : 7
ععمري : 24
دولتي : مصر
الجنس : ذكر
ممزآجي :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 13z10
احترام قوانين المنتدى :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 111010

 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Emptyالخميس 20 يونيو 2013, 6:48 pm

جزاك الله كل خير
توقيع : RA. SHefo




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.rom2o.com/

حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
ZezO Design
عضو نشيط 

ZezO Design

عدد المساهمات : 790
نقاطي : 848
السٌّمعَة : 0
دولتي : غير معروف
احترام قوانين المنتدى :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 111010

 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Emptyالخميس 04 يوليو 2013, 4:48 am

بوركت اخى الكريم على هذا الموضوع الرائع وقلمك الرائع
توقيع : ZezO Design




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
ѕαα∂ ∂єѕιgη
مؤسس الموقع 

مؤسس الموقع 
ѕαα∂ ∂єѕιgη

عدد المساهمات : 14101
نقاطي : 16093
السٌّمعَة : 56
ععمري : 25
دولتي : السعودية
الجنس : ذكر
ممزآجي :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 4z10
احترام قوانين المنتدى :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 111010

 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Emptyالجمعة 27 يوليو 2018, 6:31 am

موضوعع مميز شكرا لك
جزاك الله خير ، في ميزان حسناتك
بالتوفيق حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 3857644286
توقيع : ѕαα∂ ∂єѕιgη




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.t-altwer.com/

حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
جحفلي
سوبر الموقع 

جحفلي

عدد المساهمات : 1300
نقاطي : 1302
السٌّمعَة : 10
ععمري : 25
دولتي : السعودية
الجنس : ذكر
ممزآجي :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 3z10
احترام قوانين المنتدى :  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 111010

 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Empty
مُساهمةموضوع: رد: حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Emptyالثلاثاء 18 سبتمبر 2018, 6:32 pm

جزااااك الله خيرا.. على هذا المجهود الرائــع..
بــارك الله فيــك على الموضـــوع ..
الى الأمـــام..
لاتبـخل عليــنا بجـــديــدك..
و تقـبل مروريـ..
تحياتي..  حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك 2864010992
توقيع : جحفلي




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة
صفحة 1 من اصل 1

مواضيع مماثلة

-
» في الدقيقة الواحدة*أخي المسلم
» اللهم صل علي محمد وال محمد
» : بين النفس والهفوة
» إسماعيل يوسف ينفى خلافات الجهاز مع ميدو
» محاسبة النفس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى طريق التطوير :: الساحة الرئيسية | T-ALTWER :: قسم الاسلامي العام-
 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Empty

 حقيقة النفس الواحدة وزوجها/محمد إسماعيل عتوك Oaoa10